الداماسك هو تقنية نسج اشتهرت في دمشق منذ أكثر من ألفي عام وأصبحت معروفة عالميًا باسم “الداماسك”. يُعتبر قماش الدمشقي من أفخر وأغلى الأقمشة في العالم. وكان النسج الدمشقي مطلوبًا جدًا ويباع من قبل التجار على طريق الحرير. ومع مرور الوقت، انتشرت شهرته، وصُنعت منه منتجات جميلة وفاخرة. قام التجار في دمشق أولًا بجلب القماش إلى أوروبا في القرن الحادي عشر، وسرعان ما بدأت المدن والدول الأوروبية بإنتاج نسخها الخاصة من النقوش المنسوجة بتقنية الداماسك: في فرنسا في القرن الثالث عشر، وفي مدينة كورتراي البلجيكية في القرن الخامس عشر، وفي أيرلندا في القرن السابع عشر، ومدينة هارلم في هولندا في القرن الثامن عشر. وعلى الرغم من صعوبة إتقان هذه التقنية وارتباطها بالأقمشة الفاخرة فقط، حافظ النسج اليدوي للداماسك على مكانته الرفيعة.

مع اختراع نول جاكار خلال الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، تطورت صناعة النسيج بشكل عام، بما في ذلك الداماسك. أصبح النسج أسرع وأرخص من أي وقت مضى، ويظل أساس كل نول رقمي حديث. يمكن للنول نسج نقوش متعددة الألوان بدقة وتعقيد في قطعة واحدة. النقوش جزء من القماش نفسه، وليست مطبوعة أو مطرزة. كما سمح بإنتاج أقمشة متينة وسميكة بتفاصيل دقيقة.

أحد أنواع الداماسك هو البروكيد (Brocade)، ويأتي اسمه من الكلمة الإيطالية “Brocatello” التي تعني القماش الحريري المزخرف بخيوط ذهبية أو فضية. وانتقل هذا الاسم إلى الفرنسية باسم “Brocart”. وهو قماش سميك ذو زخارف بارزة. كان البروكيد يُنسج بخيوط حرير مستوردة من الصين عبر طريق الحرير، ثم استخدم الحرفيون السوريون الحرير المنتج محليًا، خاصة من منطقة الدريكيش الشهيرة بتربية ديدان الحرير.

في عصرنا الحالي، لم يعد الداماسك مقتصرًا على خيوط الحرير، بل يُستخدم أيضًا الألياف الطبيعية مثل القطن والألياف الصناعية مثل البوليستر، ولكل قماش خصائصه وسعره الخاص.
أنواع الداماسك:
- الحرير: الأكثر فخامة وسعرًا (€50 – €150)
- القطن: متين وأقل تكلفة (€20 – €60)
- الألياف الصناعية: الأرخص والأقوى ولكن أقل لمعانًا طبيعيًا (€10 – €30)

حمل الداماسك لمسات جمالية وفنية أظهرت الذوق والرقي. تميز الحرفي الدمشقي في عرض أجمل مظاهر الجمال، بعضها مستوحى من الحياة اليومية في دمشق، مثل رسم اللوز والورود الصغيرة في البيوت الدمشقية، وكذلك الرسم الشهير للفراشة التي تحتوي على سبعة ألوان، ورسم العصفور المحبوب الذي أطلق عليه لاحقًا تجار البروكيد اسم “الحبيب والمحبوب”.
استلهموا من التراث العربي والإسلامي زخارف هندسية مستوحاة من مسجد بني أمية في دمشق، ورسم السفينة نوح، ومعركة حطين، ورحلة سندباد البحري، بالإضافة إلى الفن الدمشقي الفارسي. ومن أوروبا كانت هناك رسومات “روميو وجولييت” وزخارف مستوحاة من التاج الإمبراطوري الألماني. ومن فارس مشاهد صيد الغزلان وزهرة العنبر، ومن كشمير نمط الكشمير. أبرزت هذه التصاميم مدى تلاقي الحضارات على القماش الدمشقي، الذي نقل قصصها إلى الأجيال.

أشهر الشخصيات التي امتلكت الحرير الدمشقي عبر التاريخ:
- الملكة ماري أنطوانيت، فرنسا: اشتهرت بشغفها بالبروكيد الدمشقي وامتلكت 72 نوعًا مختلفًا في خزائنها.
- البابا يوحنا بولس الثاني، الفاتيكان: استخدم البروكيد الدمشقي في ثيابه الكنسية بزخارف خاصة تناسب رمزية الفاتيكان.
- الملكة إليزابيث الثانية، بريطانيا: أُهدي لها بروكيد دمشقي في حفل زفافها.
- الملكة نور الحسين، الأردن: من بين الملكات العربيات اللواتي أعجبن بالبروكيد وحرصن على ظهوره في إطلالاتهن.
- الملك خوان كارلوس، إسبانيا: كان من أبرز الشخصيات الأوروبية التي أبدت إعجابها بالبروكيد الدمشقي خلال زياراته الرسمية.
- الملكة صوفيا، إسبانيا: ارتدت البروكيد الدمشقي في عدة مناسبات وأعربت عن إعجابها بصناعته وفخامته.
- الملك فهد بن عبدالعزيز، السعودية: عُلّق في قصره بالرياض جداري ضخم من البروكيد بمساحة 112 مترًا مربعًا.
- الملكة حاجة حميانة، ماليزيا: اقتنت البروكيد الدمشقي وارتدته في المناسبات الرسمية.
- البابا بندكت، الفاتيكان: استمر في استخدام البروكيد الدمشقي المزخرف بالرموز الدينية في الاحتفالات الكبرى للفاتيكان. وتُعرض عدد من قطع هذه الأقمشة في المتاحف العالمية حتى اليوم.





